مهزلة 'الدستور الجديد' لسوريا



مهزلة الدستور الجديد لسوريا



امريكا اعلنت صراحة، بأنها لن تخرج من شرقي الفرات، الغنية بالنفط والغاز والثروات الزراعية، حتى بعد القضاء على عصابات داعش ،حيث لها العديد من القواعد العسكرية لدعم وحماية حلفائها من المليشيات المحلية (قوات سوريا الديمقراطية). امريكا أصبحت تتحدث عن "إعادة إعمار" هذه المناطق بدون العودة للنظام السوري وحكومته بدمشق، وهي تربط سحب قواتها بحل سياسي ينهي حكم الأسد ويكفل خروج القوات الايرانية وجميع الميليشيات المرتبطة بها من سوريا ويضمن مصالح وحقوق حلفائها في قوات سوريا الديمقراطية ، وبشكل خاص أكراد حزب الاتحاد الديمقراطي ، الذي تشكل قواته عمادها الأساسي . شروط ومطالب الامريكان تصطدم برفض النظام وداعميه (الروس والايرانيين). تركيا، الرافضة بقوة لمشروع الفدرالية الكردية في الشمال الشرق السوري، ولأجل ضرب هذا المشروع، احتلت مناطق سورية حدودية (جرابلس- الباب) ومنذ اسابيع تشن عدواناً على عفرين بهدف السيطرة عليها وطرد منها قوات حماية الشعب الكردية، حتى أنها هددت باجتياح منبج بعد عفرين وضرب القوات الامريكية ما لم تنسحب من المدينة الخاضعة لقوات سوريا الديمقراطية . التدخل العسكر التركي زاد الوضع السوري تعقيداً وتشابكاً. تركيا ، كما امريكا، لن تسحب قواتها قبل أن تحقق أهدافها ، الأمنية والسياسية، في سوريا. روسيا تعتبر تدخلها العسكري في سوريا شرعياً لأنه تم بموافقة حكومة دمشق ووقعت معها اتفاقية دفاع مشترك لمدة 49 عام. نظام (ولاية الفقيه) في طهران يعتبر سوريا حجر الاساس في مشروعه الشيعي (الهلال الشيعي) ، الذي يعمل عليه في المنطقة، لهذا ايران لن تخرج من سوريا لو الجميع طلبوا منها وقاتلوها .. إزاء هذا الوضع السياسي والعسكري المعقد والمتشابك في سوريا، أليست مهزلة لا بل "أم المهازل" أن يتحدث الروس عن أن مؤتمر سوتشي نجح في توافق المشاركون على تشكيل "لجنة دستورية" لوضع دستور جديد لسوريا ما بعد الحرب، وأن يشغلوا معهم ممثل الأمم المتحدة الى سوريا (دي مستورا) كذلك المعارضات والموالاة وكل المعنيين بالقضية السورية، بتشكل هذه اللجنة؟؟. اليس من المعيب والسخرية الحديث عن دستور جديد لسوريا وهي ممزقة بين جيوش غازية لدول عديدة (امريكا - روسيا- تركيا- ايران) ، لكل دولة أهداف وأجندات ومصالح خاصة، تتعارض مع أهداف ومصالح الدول الأخرى، وقد يتحول هذا التمزق الى تقسيم أمر واقع للدولة السورية ؟؟؟. متى يستفيق السوريون (موالاة ومعارضة) من غفوتهم ويدركوا بان الجميع يستهزئ بهم وبمستقبلهم و يتاجر بدمائهم ؟؟؟


14/02/2018

سليمان يوسف

0 comments: