‏إظهار الرسائل ذات التسميات الأسد. إظهار كافة الرسائل

القامشلي السورية 'مدينة محايدة'




القامشلي السورية "مدينة محايدة"
مدينة القامشلي

القامشلي السورية "مدينة محايدة":
المشهد السياسي والعسكري والمجتمعي والاقتصادي، يبدو فريداً بمدينة القامشلي. تضم العديد من الميليشيات والتشكيلات العسكرية ، المعارضة والموالية، ولمختلف المكونات والقوميات المتعايشة فيها، الكردية والاشورية/السريانية والأرمنية والعربية. الى جانب جيش النظام. القامشلي ممر آمن للقوات الامريكية والروسية والايرانية .. في القامشلي، تتنشط العديد من الأحزاب والحركات السياسية، والتجمعات والمنظمات المدنية، الموالية والمعارضة، ولمختلف مكونات والقوميات.. في القامشلي تعمل العديد من المنظمات الدولية المعنية بشؤون الاغاثة والخدمات الانسانية.. في القامشلي، تتعايش دولتان واحدة شرعية، دولة ( بشار الأسد)، واخرى غير شرعية (دولة أمر الواقع/دولة صالح مسلم). ابن القامشلي حر في ان يلجأ لدولة بشار او لدولة مسلم في إدارة شؤونه.(باستثناء الوثائق الرسمية المعترف بها، فهي محصورة بالدوائر الحكومية الرسمية). مازال تمثال الدكتاتور الراحل (حافظ الأسد) مرتفعاً وسط المدينة ( ساحة سبع بحرات) ليس بعيداً عنه ترتفع صور الدكتاتور القادم (عبدالله أوج آلان) زعيم حزب العمال الكردستاني/تركيا . لا ترى صور لشخصيات آشورية سريانية لأن لا زعامات لهم، سياسية اوغير سياسية.. في القامشلي يعيش من جميع الطوائف والديانات والقوميات والمذاهب ومن مختلف المحافظات السورية. ولأنها مدينة محايدة،- كما هو حال سويسرا- فهي ترحب بكل من يطلب الاقامة والحماية واللجوء السياسي والانساني، من المعارضات ومن الموالاة، حتى لو كان الدكتاتور (بشار الأسد)، ومن اي دولة اخرى في العالم الشرقي والغربي، حتى من الجارة اسرائيل. ولأنها مدينة محايدة، مسموح للساكنين فيها التعامل بجميع العملات الأجنبية.. وأن يرفعوا اي علم او راية يختارونها. ولأن القامشلي مدينة محايدة ليس فقط سياسياً وإنما دينياً ايضاً، مسموح لك التبشير باي دين أو مذهب وأن تتبع اي دين وحتى تغير ديانتك وتتزوج زواج مدني..بقس عليكم أن تعرفوا ، أن هذا الحياد لا يعني بان سكان القامشلي يعيشون في (فردوس ديمقراطي)، ولا يعني بان مصير ومستقبل مدينتهم محسوم.. لكم طيب التحية من القامشلي، مدينة الحب والجمال، عروسة الجزيرة السورية..



سليمان يوسف

مسيحيو المشرق والعلاقة مع الاستبداد والحكام الطغاة







كثيرون يتساءلون عن سر وقوف غالبية المسيحيين الى جانب الحكام الطغاة في دول المشرق ؟؟.. في سوريا،لا ننفي وقوف الشارع المسيحي، خاصة بشقه الكنسي، الى جانب بشار الأسد ونظامه ، رغم إدراك المسيحيون بأن بشار طاغية ودكتاتور ونظامه استبدادي قمعي فاسد . بيد أن هذا الموقف ، لا يعني بأن المسيحيين يرفضون انتقال سوريا الى نظام ديمقراطي تعددي عادل. المسيحيون يدركون جيداً بأنهم والفئات المستضعفة هم أكبر المستفيدين من نظام وطني ديمقراطي يحقق العدل والمساواة بين المواطنين السوريين. لكنهم يخشون ارتدادات سقوط الاستبداد وما سيحصل من فوضى وفلتان أمني ، سيكون المسيحيون ابرز ضحاياه، مثلما حصل لمسيحيي العراق على اثر إسقاط الطاغية صدام حسين، حيث كان مصيرهم القتل والخطف على الهوية والتهجير والسطو على ممتلكاتهم . نعم ، مخاوف مسيحيي المشرق لها ما يبررها ، في التاريخ القديم وفي الماضي القريب وفي الحاضر الراهن. أنهم يخشون من هيجان "الشعوب والأقوام الاسلامية" التي يعيشون بينها وهي بغالبيتها الساحقة بعيدة عن قيم الديمقراطية ومفاهيم الحرية واحترام حقوق الآخر... إثناء الحملات العسكرية الأوربية على الشرق المعروفة بـ "الحروب الصليبية"، ثار المسلمون على مسيحيي المشرق، حيث كان ينظر اليهم على أنهم "عملاء الصلبيين ومتهمون بالتواطؤ معهم". مما اضطر الحكام المسلمين (الخلفاء) الى حماية المسيحيين من الهجمات الوحشية والهياجانات الشعبية المسلمة عليهم..... رغم مضي قرون طويلة على تلك الحقبة السوداء وسقوط دولة الخلافة الاسلامية ونشوء الدول الوطنية في المنطقة ، نظرة غالبية المسلمين لم تتغير كثيراً الى الانسان المسيحي . مسيحيو المشرق، مازالوا بنظر غالبية الشعوب الاسلامية، حتى بنظر الكثير من مثقفيهم "مشكوك بوطنيتهم .. بقايا الصليبيين.. متواطئون مع الغرب الكافر .. اقوام وافدة دخيلة على المنطقة .. أهل ذمة) .. هذا الواقع المرير الذي يعيشه مسيحيو المشرق ، انكشف وانجلى مع ظهور تنظيم الدولة الاسلامية- داعش الارهابي .. إذ راينا كيف تعرض المسيحيون في كل من العراق وسوريا ومصر وليبيا ، الى حملات تطهير عرقي وديني في المناطق التي اجتاحتها عصابات داعش.. حتى المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة السورية، تكاد تخلو من المسيحيين..... بقي أن نشير، أن أحد المعارضين السوريين في لقاءات موسكو ، عندما بدأت "رندة قسيس" بالتحدث ، همس بأذن صديقه" انها من بقايا الصلبيين" ..


2018/1/2
سليمان يوسف

مسيحيون في سوريا يبحثون عن وطن بديل


تقرير ل DW عن أوضاع الآشوريين السريان , و المسيحيين في سوريا

www.dw.com

لماذا سَقطت الدولة السورية؟


15/12/2015

رابط المقال في موقع جريدة " مدار اليوم "


سليمان يوسف
سليمان يوسف

سليمان يوسف
تُولد وتنشأ الدول بفعل الحروب. وبالحروب تعدل حدود الدول، وتغيب دول قائمة عن الخريطة السياسية للعالم. ونشأت الدولة السورية الحديثة بحدودها الحالية عن الحرب العالمية الأولى 1914، وفق الخريطة السياسية، التي وضعها كل من الدبلوماسي الفرنسي “فرانسوا بيكو” والدبلوماسي البريطاني “مارك سايكس” بشكل سري خلال الحرب، واعتمدتها الدول المنتصرة فيها.
هل من خريطة سياسية جديدة أو اتفاقية سرية، شبيهة باتفاقية “سايس بيكو”، تطبخ على نار الحرب السورية، التي باتت أشبه بـ”حرب كونية” مع كثرة التدخلات السياسية والعسكرية (الإقليمية والدولية) فيها ؟؟.
السوريون، موالون ومعارضون، لا يخفون خشيتهم وقلقهم من وجود هكذا خرائط واتفاقيات. ففي معظم بيانتهم ووثائقهم وخطابتهم السياسية، يؤكدون على ضرورة أن يضمن أي حل سياسي لأزمة بلادهم وحدة الدولة السورية أرضاَ وشعباً. وقد شدد المجتمعون في مؤتمر المعارضات السورية، الذي عقد قبل أيام في الرياض بالمملكة العربية السعودية على “التمسك بوحدة الأراضي السورية”. من حق السوريين أن يخافوا على مصير ومستقبل بلادهم من حرب كارثية، مستعرة منذ نحو خمس سنوات، لا نهاية قريبة لها، فرضها عليهم نظام استبدادي متمسك بالسلطة، يرفض الاستجابة لمطالب شعبٍ انتفض لأجل حريته وكرامته. حرب بين السوريين وعلى السوريين، تشابك فيها الداخلي مع الخارجي، أعادت ترتيب الشارع السوري وفق القوة العددية، أنتجت على الأرض خرائط “كانتونات” ومحميات عرقية وطائفية ومذهبية، كما أنها أخرجت من درج “النسيان الدولي” المشروع الفرنسي (زمن الانتداب)، الذي كان يقضي بتقسيم سوريا الى خمس دويلات.
إزاء هذا الوضع السوري الهش وإزاء خارج (اقليمي – دولي) لا تهمه سوى مصالحه، ليس بمستغرب سقوط الدولة السورية، ككيان سياسي واجتماعي واقتصادي، في أول “حرب داخلية” عصفت بها. هي لم تسقط بـ”قرار سياسي” من الخارج أو من الداخل، ولم تسقط بفعل سلاح المتحاربين على أرضها، ولا بإعلان (أبو بكر البغدادي) “دولة الخلافة الإسلامية” على المناطق التي يسيطر عليها تنظيمه الارهابي(داعش) في كل من سوريا العراق (كما ذهب الصحفي البريطاني روبيرت فيسك، في مقال له في صحيفة الاندبندنت البريطانية) بعنوان “داعش كتب نهاية سايكس بيكو”. استشهد فيسك بتسجيلاً مصوراً بثه “داعش” في أوائل 2014 مصوراً به بلدوزرًا يجرف حاجزًا رمليًا يحدد الحدود بين العراق وسوريا، وأسفله لافتة ملقاة على الرمل مكتوب عليها “نهاية سايكس – بيكو”” الدولية السورية سقطت لأنها، بحكم ظروف نشأتها وتركيبتها السكانية وبنيتها المجتمعية المتنوعة والغير متجانسة عرقياً ودينياً ومذهبياً، هي تحمل في داخلها كل عوامل وأسباب التفكك والانشطار. وقد كشفت الحرب السورية الراهنة بأن السوريين لم يرتقوا بعد الى مستوى الشعب الواحد. فلا أهداف وطنية ومصيرية مستقبلية واحدة لكل السوريين، ولا شعور مشترك بالانتماء لهوية وطنية سورية واحدة. من دون شك، ساهمت السياسات الخاطئة للنظام الاستبدادي – الذي ارسى قواعده حافظ الأسد وأورثه لأبنه بشار- التي قامت على احتكار السلطة والثروة في البلاد على مدى عقود طويلة واختزال الوطن والدولة بشخص الحاكم( الرئيس)، في تقوية الانتماءات والولاءات البدائية (ما قبل الدولة) في المجتمع السوري، وفي تقويض عملية “الاندماج الوطني” بين المكونات السورية وفي إضعاف “الوحدة الوطنية” والتماسك المجتمعي بين السوريين. لكن، يبقى السبب الأساسي والجوهري لسقوط الدولة السورية، هو عدم قيامها منذ البداية على “أسس ومرتكزات وطنية سورية صحيحة جامعة للسوريين”.
وبدلاً من اعتماد (السورية) هوية وطنية للدولة والشعب، تم فرض (العروبة والإسلام) كهوية وانتماء على شعب سوري، متنوع الثقافات والأعراق والديانات. وهذا كان خطأ تاريخياً وسياسياً جسيماً، أجهض كل محاولات النهضة بسوريا وقوض مفهوم الدولة والوطن والمواطنة وحال دون نجاح عملية الاندماج الوطني بين السوريين، ونسف منذ البداية إمكانية قيام دولة مواطنة ودولة مدنية ديمقراطية في سوريا. لأن (العروبة والاسلام) لم يكونا ولن يكونا ابداً محل إجماع وتوافق السوريين، ولم يشكلا ولن يشكلا رابطةً وطنية جامعة، تجمع وتوحد السوريين بقومياتهم واثنياتهم ودياناتهم ومذاهبهم المختلفة. فكما هو معلوم، السوريون ليسوا جميعاً من العرب، وليسوا جميعاً بمسلمين. فمنهم العربي والآشوري( سرياني/كلداني) والكردي واالتركماني والأرمني والشركسي والشيشاني، بينهم المسلم والمسيحي واليزيدي واليهودي. ليس من الوطنية والديمقراطية اختزال كل هذه الفسيفساء المجتمعية والتاريخية الجميلة، بالعروبة والإسلام. (سوريا الكبرى أو القديمة)،التي يعود تاريخها الى أكثر من 8000 عام قبل الميلاد، أغنى وأعظم من أن تنسب هويتها لقوم أو لدين معين. من هذا المنظور التاريخي والوطني، نرى بأن (السورية) وحدها، كهوية وانتماء لجميع السوريين، يمكن أن تكون سفينة إنقاذ ونجاة السوريين من الغرق في بحر التناقضات والصراعات والنزاعات، المسلحة وغير المسلحة، العرقية والطائفية والمذهبية، ويمكن لها أن تجنب سوريا والسوريين خطر السقوط النهائي في شرك التقسيم.

سليمان يوسف باحث سوري مهتم بقضايا الأقليات

د. كمال اللبواني: من هم قادة المعارضة السورية التي ستفاوض النظام ؟؟؟

د. كمال اللبواني
د. كمال اللبواني


د. كمال اللبواني: كلنا شركاء
بعد إجتماع الرياض واختيار وفد مفاوض يمثل المعارضة السورية … يبدو واضحا أن المطلوب من هذه العملية هو إعادة انتاج النظام لكي يتوقف الصراع في سوريا، وهذه النتيجة التي انتهت إليها خمس سنوات من الثورة تؤكد وترسخ اعلان فشلها، ليس بسبب مؤامرة خارجية كما سوف أشرح ( رغم وجود هذه المؤامرة لكنها ليست هي السبب الكافي ) بل بسبب بنية المعارضة السورية وثقافتها ذاتها:
قيادة المعارضة السورية أو من يسمون كذلك هم عدة أصناف:
1- صنف شارك النظام سابقا وشبح معه ، وعندما اختلف مع رموزه على نسب الحصص والمنافع وتعرض للعض، تحول للمعارضة وصار ينتقد النظام ، ليس لعلة فيه بل لأنه تحول من شريكه لضحيته، وهذا يشمل رجال الأعمال والنافذين في المجتمع الذين يشكلون مكونا أساسيا من الوفد المفاوض الذي تم اختياره … والذين مارسوا الفساد في مؤسسات المعارضة بشكل يفوق ما مارسه رامي مخلوف نوعا وقذارة . فهم لم يكونوا ضد النظام لأنه فاسد ، بل هم ضد أشخاص النظام فقط ، يحملون مثلهم ثقافة الفساد والاختلاس والغش والتزوير ، ويريدون أن يتحكموا هم بهذا النظام  ويتنعمون هم أيضا بفساده …
2- صنف آخر يمثل جماعات سياسية ترى في نفسها أنها أولى بقيادة النظام ، فهي لا تختلف عنه في البنية والفكر والسلوك بل في الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم مؤهلين أكثر من شخوص النظام … نميز منها التيار الناصري الذي أوجد الاستبداد في مصر ، والتيار البعثي العراقي الذي أنتج نظام صدام ، والتيار الشيوعي الذي أنتج الأنظمة الستالينية في آسيا وأوروبا الشرقية، والتيار الإخواني الذي أراد استبدال مصدر شرعية الاستبداد والتسلط والشمولية من الفكر الثوري إلى العقيدة الدينية . ويعتبر نفسه أولى بالاستبداد واحتكار السلطة لأنه يستمد شرعيته من السماء . ولكنه أبدا لم يعترض على بنية الاستبداد ولم يؤمن يوما بسلطة الشعب الدنيوية التي تراقب الحاكم وتعزله. ونظامه الموعود شاهدناه في مصر لفترة بسيطة.
3- المنظمات الكردية التي لم تكن ضد النظام إلا بقدر ما كانت ضحيته، و لم تعترض سابقا على التمييز القومي وعدم احترام حقوق الإنسان لأنها ضده من حيث المبدأ بل لأنها ضحيته، وعندما استطاعت بناء ملامح سلطتها الخاصة  عادت لتمارس بحق غيرها ما كان يمارسه النظام بحقها، وبشكل عنصري وقمعي فاق ما فعله النظام العربي .
4- صنف آخر يتكون من مجموعة من نشطاء الأقليات المستقلين الذين سبق واعترضوا على النظام لأنه لم يعطيهم حصة مرضية في نظامه الطائفي، لم يعترضوا على طائفيته وجرائمه بل على توزيع فوائد هذه الطائفية والجريمة … أي على الحصة من (سوق السنة)  وليس على تعفيش ممتلكات السنة.
5- منشقون عن النظام شاركوه لفترة طويلة وكانوا جزءا منه وعمادا فيه باستبداده وفساده، ولكنهم اعترضوا مؤخرا ليس على بنيته ونظام حكمه وثقافته ، بل على سلوكه الإجرامي بعد الثورة ، والذي يفترض أنه متوقع وطبيعي أن يصدر عن هكذا نوع من الأنظمة. وهم فكرا وسلوكا ما يزالون جزءا من هذه الثقافة الاستبدادية الفاسدة ، ولم يخرجوا منها .
6- مقاتلون خرجوا ضد النظام الطائفي الأمني المستبد المتغطرس المتوحش بسلاحهم، ولكنهم مارسوا الطائفية والاستبداد وحتى التعذيب الوحشي وانتهاك حقوق الانسان والأقليات بذات القدر الذي مارسه النظام بحقهم … فثورتهم ليست ضد الطائفية بل ضد طائفة، وليست ضد الوحشية بل فيها. مبررهم الوحيد أنهم يدافعون عن أنفسهم بطريقة العين بالعين.
7- الصنف الأخير والأهم وهو المتزعم هم مجموعة رخيصة من خدمة النظام السابقين وأزلامه الصغار ومأجوريه وعملائه استفادوا من خبرتهم في الاستزلام والتدليس وحمل المناشف ، وتحولوا بذات الصفات لخدمة الدول النافذة التي رعت اجتماع الرياض ووحدة المعارضة ، وبالتالي صاروا في قيادة هذه الثورة والمعارضة التي يفترض أنها خرجت ضدهم وضد أمثالهم ، والنظام ذاته يحتقرهم  ولا يتقزز من شراكتهم ، ويأنف من التحاور معهم ، فهم فعلا مقرفين أكثر من النظام لأنهم يمثلون فضلاته وروثه … لذلك مشاركتهم بالسلطة الانتقالية ستعطيها نكهة مميزة وطعم جديد مقزز أكثر .
منذ ربيع دمشق كنا نقول أن معارضة شخوص النظام شيء ، ومعارضة منطقه وبنيته وثقافته وسلوكه شيء آخر ، لذلك كنا نحرص على اقامة الحوارات التي تنشر الوعي بهذا النظام ومكامن الخلل الذي يجعلنا جميعا نعاني منه ، ونسعى لنشر ثقافة مختلفة عن ثقافة الاستبداد والشمولية والتعصب الديني والقومي والطائفي . لكن هذا الربيع قتل مبكرا وهو طفل يحبو ليعود بعد عشر سنوات متفجرا على شكل ثورة غضب شعبية عفوية ، الربيع العربي كان يفتقر فعلا لنضوج ثقافة الحرية والديمقراطية والمؤسسات ، وتركز فقط على شخوص النظم السابقة وسلطاتهم ، ويعاني من غياب النظرية والثقافة ، وغياب التنظيم ، والمؤسسات البديلة . فالربيع العربي كان عبارة عن تفجر داخل النظام العربي وليس ثورة ضده وعليه ، لذلك كانت نتيجته هي اعادة انتاج الأنظمة بطريقة أخرى  إن كان في تونس أو في مصر أو ليبيا واليمن ، واليوم في سوريا .
وحدهم المثقفون العصاميون المطلعون على تجربة أوروبا الديمقراطية والتحولات في أوروبا الشرقية ، هم من كان على علم ودراية في بنية النظام وفي عناصر التغيير المطلوبة، وهم من صاغ شعارات الثورة الأولى التي لم تتحول لممارسة أبدا ، بل سرعان ما طمرت تحت شعارات أخرى ذات طبيعة مشابهة لطبيعة النظام الطائفي الشمولي ، ولكن بتلاوين مختلفة … وسرعان ما طبقت أشكال أخرى من نظم الفساد والاستبداد والوحشية باسم المعارضة.
فالثورة هي ثورة على نظم وبنى وأنماط تفكير واجتماع يتجسدون في أشخاص ، والمعارض ليس فقط من يكتب بوست أو يخرج في مظاهرة ، بل هو من يحمل ويطبق ثقافة وقيم مختلفة… والثورة على احتكار التمثيل والاستبداد وعلى الفساد وتغييب القانون وحرية الرأي وحق المشاركة في الحياة السياسية من دون تمييز ، وعلى الوساطة والمحسوبيات والتشبيح ، وانتهاكات حقوق الانسان وكرامته ، والمعارضة هي ثورة تغيير في الذات تسبق قهر الآخر وهزيمته … فتغيير النظام ليس في تغيير شخوصه فقط ، واستبدالهم بشخوص يعيدون بناء نظم مشابهة . بل بتغيير الأسس التي قام ويقوم عليها ، وتغيير الثقافة السياسية والوعي الذي تقوم عليه ، وهذا لم يتغير حتى الآن ، ليبدو أن الشعوب العربية ستحتاج للتيه 40 عاما في صحراء الفشل والتخبط التجريبي قبل أن تظهر أجيال جديدة بوعي جديد أدركت بمعاناتها مكامن الخلل وطورت وسائل المناعة ضدها …
اليوم نصل إلى نهاية إعلان فشل الثورة، التي سقطت وبقي النظام بسبب عجزها عن انتاج قيادة غير هذه ، و غدا عندما تعود المعارضة السورية المتجسدة في الرياض لحضن النظام فهي تعود إلى نفسها ، بعد أن فشلت في إزاحته واحتلال مكانه، و فشلت تماما في انتاج أي شيء مختلف عن هذا النظام في كل مؤسساتها وهيئاتها التي عرفناها جيدا،
النظام باق بكل الأحوال إن سقط شخص بشار أو بقي ، بمشاركة المعارضة أو من دونها … لا فرق،  فمن يسمي نفسه معارض هو بشار آخر في الواقع وعليه أن يعارض نفسه وسلوكه أولا ، لأنه شكل من أشكال النظام وأحد تعبيراته ورجالاته ،
وعودة المعارضة والنظام للتوافق هي كعودة العاشق لعشيقته ( ولقاء فيينا بينهما سيكون أشبه بقصيدة نزار قباني : ما أحلى الرجوع إليه ) والغرب أدرك أنه لا بد من وقف هذا الصراع العبثي بين مكونات وشخوص وتجسيدات النظام المختلفة ، وأن الحل هو بالتوفيق بينها تحت شعار وقف حمام الدم الذي لم يعد صراعا بين حق وباطل لذات السبب، بل بين باطل وباطل ،
والشعب أيضا أدرك أن حلمه بالحرية وسلطة القانون والعدالة والنزاهة والمحاسبة والديمقراطية هو حلم مقتول لا محالة إن سقط النظام وحكمت المعارضة أو بقي النظام وسقطت المعارضة ، بل مقتول حتما إذا توافقوا معا فهم لن يتوافقوا إلا على باطل يجمعهم ثقافة وسلوكا، طالما أن من يعارض النظام يعارضه بثقافة النظام ذاتها، لكن هذا الشعب حصر حلمه الصغير بأن لا يرى  شخوص القتل والإجرام ، و أمل في تبديل الجلاد والسياف والسجان ومع ذلك خسر حلمه الصغير هذا على أيديكم .
ما سيجري في كل حال هو استبدال استبداد باستبداد جديد وفساد بفساد آخر … وكفانا  اتهاما للآخرين … فأنتم يا مجلس الرياض وقبله الائتلاف والمجلس الوطني ، وبشخوصكم التي تتكرر ذاتها، لم تكونوا يوما معارضة للنظام بل معارضة لشخوص النظام من داخل ثقافة النظام وبقيمه ذاتها، ولم تكونوا ممثلين للتغيير الذي يطمح به الشعب، ولم تجسدوه في سلوككم يوما حتى عندما سنحت لكم الفرصة، بل كنتم وستبقون طلاب سلطة فساد واستبداد واختلاس وتشبيح على الشعب. والدول التي تساعدكم لا تعرف الحرية ولا الديمقراطية ولا تحترم كرامة وحقوق شعوبها ذاتها فكيف ستحترم كرامة وارداة شعب آخر … إنها سعيدة بأمثالكم لكي تقضي على أمل شعوبها بالتغيير . فأنتم الأبطال الحقيقيين الذين يستحقون التكريم في نظرها. بينما تموت النساء والأطفال تحت الحصار وفي خيم التشرد دون تفكير حتى في إغاثتهم من دول تبذر مئات المليارات .
نحن نفهم أن السلطة هي ما تنشدونه من وراء معارضتكم ، فكل فرد منكم قد عبر عن تمسكه بالزعامة والسلطة بشكل يشبه بشار ، وصراعكم وتنحاركم لم يكن يوما على شيء آخر غير تخاطف المنافع والسلطة، بدليل توحدكم أخيرا بكل ألوانكم على بقاء النظام بشرط أن تكون لكم حصة فيه بضمانات دولية ،
نعم أنتم كلكم بشار وخلافكم معه لم يك إلا سحابة صيف وسوء تفاهم، ومن الطبيعي أن تنتهوا لهذا الوفاق والتآخي معه ، ومن الطبيعي أن يعود الحبيب للحبيب ، عملا بقول الشاعر
( بدل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول )
كل شهداء الثورة وكل تضحياتها لا قيمة لها عندكم ، لأنها سقطت خطأ في مكان ومعركة خاطئة ومؤسفة  بين النظام والنظام… نحن ندرك أننا قد خسرنا معركة الحرية والكرامة منذ أن شاهدنا سلوك المجلس الوطني والائتلاف ووحدة تنسيق الدعم ، والحكومة المؤقتة والمجلس العسكري الأعلى ، وأمراء الحرب، وكذلك نوع العدالة وسلطة القانون التي سادت في المناطق المحررة، ومستوى العمل المؤسسي والنزاهة التي سادت العمل الإغاثي … اليوم مطلوب منكم ومن الدول الراعية ، فقط تنظيف سجن الأسد وشركائه وإعادة الخدمات إليه لكي يعود السجناء لقيودهم وبدلاتهم الجزائية ومهاجعهم، ربما يتابعوا حياتهم تحت سلطتكم …. فهل ستفعلون؟ هل تعدوننا باعادة تشغيل سجن كبير كان اسمه سوريا …
إحذروا ذلك لأن السوريين قد يفكروا ويخططوا لثورة جديدة ، عندها لابد ستقتلوهم كما قتلهم بشار فأنتم الثورة والشرعية والديمقراطية ومن يعارضكم هو ارهابي حتما، إحرصوا على استبعاد أكبر قدر من السوريين عن سجتكم ، فما تبقى من سجناء في حظيرتكم يكفوكم … وقد يسكتوا طويلا وقد يفكروا بثورة أخرى ضدكم أيضا لا ندري … لكنهم إذا فعلوا فلن ينتجوا قادة من أمثالكم أبدا لأنهم تعلموا الدرس؟ والمؤمن لا يلدغ من حجر مرتين .
وكل ثورة وأنتم بخير .

هل حقاً بشار الأسد يعيش في سوريا ويحكمها

هل حقاً بشار الأسد يعيش في سوريا ويحكمها
هل حقاً بشار الأسد يعيش في سوريا ويحكمها
قال الرئيس السوري (بشار الأسد) في مقابلة له مع صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية قبل أيام رداً على سؤال حول واقع المعارضة السورية في الداخل " هناك معارضة في سورية.. وهم أحرار في أن يفعلوا ما يشاؤون " . وحول معارضة الخارج قال بشار " لقد قلنا بوضوح إنه عندما يكون هناك اجتماع في سورية يرغبون بحضوره فإننا نضمن ألا يتم اعتقالهم أو احتجازهم.. لقد قلنا ذلك مرارا.. ليست لدينا مشكلة في هذا الصدد .." . دققوا في كلام بشار، كم يبدو منفصلاً عن الواقع وبعيداً عن الحقيقة! هل يعقل أن يصدر هذا الكلام عن رئيس دولة وسجونه مكتظة بآلاف سجناء الراي والضمير والكلمة، معارضين سلميين ومدنيين وديمقراطيين لحكمه، ناهيك عن آلاف المعارضين الممنوعين من السفر خارج البلاد ؟؟ نذكر سيادته بأن قبل أيام توفي في القامشلي المعارض الآشوري الشاب ( نعمان حنا ) لم يتمكن من السفر خارج البلاد للعلاج لأنه مطلوب أمنياً وممنوع من السفر ، وبهذا سيادته يتحمل مسؤولية أخلاقية وقانونية عن وفاته .. ونذكر سيادته ايضاً ، بالمعتقل السياسي الآشوري ( كبرائيل موشي كورية) وقد مضى على اعتقاله التعسفي سنتان من دون محاكمة ، هو في (سجن عدرا ) بالقرب من دمشق ، عله يتـأكد من اعتقاله ويفرج عنه وعن من معه في ذاك السجن سيء الصيت ؟؟؟

سليمان يوسف

سوريا وصدام الهويات

                  
صدام الهويات في سوريا

انتهت حقبة الأحلام والطموحات العربية الكبرى من غير أن يتحقق شيئاً منها. واجتاحت مشاعر الإحباط واليأس الشوارع والمجتمعات العربية شرقاً وغرباً. كما زادت الشكوك بالمستقبل العربي مع انسداد أفق الخروج من الأزمات التي تعصف بهذه المجتمعات وطالت كل بناها، السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وحتى الروحية. وبقي الفكر العربي المأزوم يخوض معارك قديمة- قومية وآيديولوجية - حسمت منذ زمن وتجاوزها العصر، كما أنه يخوض معاركه الجديدة بذات العقلية والوسائل التقليدية التي كانت سبباً أساسياً لهزيمته. رافضاً الاعتراف بما فرضته التحولات والتغيرات العالمية من قيم وأفكار ومصالح كونية، وبما أبرزته أو طرحته من مشكلات وقضايا جديدة. وبقيت(سياسة النعامة) هي المفضلة والمعتمدة لدى الحكومات والأنظمة العربية التي اعتادت على تجاهل مشكلات وأزمات مجتمعاتها والتنكر لها مهما بلغت من التأزم والخطورة، وإذا ما تفاقمت وانفجرت حتى حُملت المسؤولية للخارج المتآمر .على ضوء هذه الوصفة العربية ليس غريباً أن يرفض القوميون العرب، موالاة ومعارضة، طرح مسألة الهوية الوطنية لسوريا كإشكالية قائمة ترتبط بتركيبة المجتمع السوري وتعدد ثقافاته. فقد وقعت مسألة(الهوية الوطنية)،مع قضايا أخرى مهمة، ضحية الآيديولوجيا والسياسات الخاطئة للقومين العرب الذين تعاطوا مع مسالة الانتماء الى العروبة على أنها قضية محسومة وبديهية لجميع شعوب المناطق التي دخلها العرب المسلمون ونشروا فيها لغتهم وثقافتهم ،دون أن يعيروا أي اهتمام أو اعتبار للثقافات واللغات الأخرى التي كانت سائدة فيها منذ آلاف السنين. ففي سوريا بدلاً من أن يأخذ القوميون العرب بالهوية السورية كهوية أصيلة وموحدة جامعة لثقافات كل الأقوام والشعوب السورية ،فرضوا هويتهم العربية وثقافتهم ولغتهم بقدر ما استطاعوا على الجميع. بسبب نظرة الاستعلاء القومي هذه، والتعاطي السلبي مع ظاهرة التنوع والتعدد الإثني والديني واللغوي والثقافي التي يتصف بها المجتمع السوري، انحرفت هذه الظاهرة التاريخية عن مسارها الطبيعي وأضحت التمايزات الثقافية والاجتماعية والعرقية شروخاً وتصدعات وانقسامات عمودية في البناء السوري، حتى بات يخشى أن تتحول الى كيانات سياسية متصارعة داخل كيان الدولة السورية ،كما هو حاصل اليوم في العراق ولينان.
تجدر الإشارة هنا الى أن (دستور 1950) كان يسمي سوريا بـ(الجمهورية السورية)،لكن بقيام الوحدة القسرية مع مصر وإعلان (الجمهورية العربية المتحدة) 1958، بعد الانفصال تمسك القوميون العرب  بصفة العروبة للدولة السورية واصبحت ( الجمهورية العربية السورية) وجاء انقلاب حزب (البعث العربي الاشتراكي) 1963 ليعزز الهوية العربية لسوريا ، لا بل رفع الهوية العربية الى مرتبة القداسة حتى بدأت الهوية الوطنية لسوريا تتآكل شيئاً فشيئاً وتختفي رموز الاستقلال الوطني أمام طغيان الرموز القومية العربية والحزبية التي فرضها البعث من شعارات وعلم ونشيد قومي ودستور جديد للبلاد نصب فيه(البعث) نفسه قائداً للدولة والمجتمع، واختزل الوطن والوطنية في شخص الحاكم وتعظيمه الى درجة التأليه. فضلاً عن تعريب شامل لمختلف مناحي الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية والتربوية والتعليمية، واجراء تغيير ديمغرافي في منطقة (الجزيرة السورية) حيث التجمعات الآشورية(سريانية/كلدانية) والكردية والأرمنية، من خلال توطين فيها آلاف العائلات العربية ،التي استقدمها من محافظات أخرى.
لا جدال، على أن سوريا اليوم هي جزء من محيطها العربي والإسلامي، لكن اطلاق صفة (العروبة) على الدولة السورية واختزال هويتها وحضارتها بالعروبة والإسلام يشكل انتقاص من مكانة الحضارة السورية العريقة التي تمتد لأكثر من ست آلاف عام قبل الميلاد، فضلاً عن أن في هذا الوصف مغالطات تاريخية وتناقضات سياسية عديدة، إذ ليس كل السوريين عرب كما ليس كل العرب مسلمون. والأخطر في موضوع الهوية السورية هو ما يلقنه حزب البعث للأجيال السورية من ثقافة اجتماعية وتربوية عبر مناهج ومقررات، تدرس في مختلف المراحل الدراسية والجامعية في سوريا ضمن خطة ممنهجة ومدروسة الهدف منها غرز عقيدته القومية وآيديولوجيته الحزبية في عقول ونفوس الأجيال السورية القادمة وضبط عملية التنشئة الثقافية والسياسية والاجتماعية لهذه الأجيال وتوجيهها بحيث تضمن ديمومة واستمرار النظام البعثي القائم. ذات الشيء ينسحب على الإعلام السوري (المسموع والمرئي والمقروء)،الذي يسيطر عليه البعث. مثل هذا النظام التعليمي والتربوي والإعلامي المؤدلج  والمنحاز كلياً لفكر وآيديولوجية البعث و للتاريخ العربي الإسلامي يساهم، بشكل أو بآخر، في تصدع الهوية الوطنية لسوريا كما أنه المسؤول، بدرجة كبيرة، عن استنبات جذور التعصب القومي والإثني والديني والانحدار بالوعي الوطني والثقافة الوطنية للشعب السوري .فالعربي الذي يعطي لنفسه حق التطلع لدولة عربية واحدة تضم كل العرب ،يبرر سعي الأكراد والآشوريين والبربر في أن يتطلعوا لوحدة أبناء جلدتهم وقوميتهم .وإلا ما تفسير أن يشعر العربي المسلم في سوريا بأن العربي والمسلم في جيبوتي وباكستان اقرب اليه من جاره الآشوري والأرمني، وبالمقابل الآشوري والمسيحي عامة في سوريا يتعاطف مع الآشوري و المسيحي أينما كان في حين تتسم علاقته مع جاره المسلم بالفتور والجفاء، وهكذا بالنسبة للكردي وغيره . فإذا كانت مشكلة الهوية السورية قد أخذت في الماضي طابعاً صامتاً فهذا لا يعني أنها غير موجودة، وقد تأخذ طابعاً دراماتيكياً بعد أن أخرجتها الحرب السورية من دائرة المحظورات وبرزت الى السطح وبقوة في مرحلة حساسة جداً ، حيث بدأت المنطقة تشهد ما يمكن وصفه بـ"ثورة الهويات المهمشة أو المقموعة" . والحرب بين السوريين المستعيرة منذ نحو خمس سنوات هي في أحد أبعادها وأوجهها " صراع وتصادم هوياتي". أي بموازاة النزاع المسلح على السلطة، ثمة صراعاً على هوية الدولة السورية الجديدة . صراع بين دعاة "الهوية العربية" ودعاة "الهوية الاسلامية" ودعاة "الهوية السورية"  وأنصار "الهوية العلمانية المدنية"  والمكونات السورية المقموعة ، مثل الأكراد والآشوريين(سريان/كلدان) والأرمن والتركمان والشركس..،  التي تقاتل من أجل الاعتراف الدستوري  بهويتها الخاصة كجزء من تركيبة الهوية الوطنية للدولة السورية . إن تحصين الوحدة الوطنية واعادة التوازن للمجتمع السوري يتطلبان التعاطي الايجابي مع التعددية القومية والسياسية والثقافية واللغوية كظاهرة تاريخية وطنية صحية، ومد الجسور المقطوعة بين ماضي سوريا وحاضرها من خلال اعادة كتابة تاريخها و صياغة هويتها الوطنية من جديد بعيداً عن العقائد السياسية والإيديولوجيات القومية والدينية، واعادة الاعتبار للحقب التي اُسقطت من تاريخ سوريا، كالحقبة الفينيقية والكنعانية والآرامية والسريانية(الآشورية) المسيحية ،وصولاً الى صياغة هوية وطنية سورية موحدة جامعة، تعبر عن كل الطيف السوري، تكون فوق كل الهويات الفرعية.
أخيراً: ليس من المبالغة القول: أن حل مسالة الهوية الوطنية لسوريا يشكل المدخل الصحيح والسليم لحل العديد من القضايا العالقة في المجتمع السوري، في مقدمتها مشكلة القوميات الغير عربية، وعليها يتوقف مستقبل الوحدة الوطنية والدولة المدنية والديمقراطية في سوريا.
سليمان يوسف...

باحث سوري مهتم بحقوق الأقليات

ألا يستوجب من المعارضات السورية إعادة حسابتها

دول الغرب وامريكا تعيد حسابتها
بدأت دول الغرب وامريكا (حلفاء المعارضة) تعيد حسابتها وترتب أولوياتها ووضعت أمنها القومي وحماية مجتمعاتها وشعوبها في المقدمة وتراجعت عن مطلب اسقاط النظام السوري ورحيل بشار الى ما بعد القضاء على التنظيمات الاسلامية الارهابية مثل داعش وغيرها في سوريا والعراق والمنطقة،..تنامي خطر الارهاب الاسلامي، الذي يهدد بابتلاع المنطقة، ألا يستوجب من المعارضات السورية هي الأخرى إعادة حسابتها ووضع أمن الوطن والشعب ومستقبل الدولة السورية في مقدمة أولوياتها ؟ خمس سنوات والشعب السوري ينتظر سقوط الدكتاتورية ورحيل الطاغية (بشار) ، لكن للأسف، سقطت الوطن وتفتت الدولة، والدكتاتورية لم تسقط وبشار لم يرحل !!! جاء التدخل العسكري الروسي ليمد في عمر النظام سنوات وسنوات أخرى !! حتى الآن تبدو المعارضات مصرة على إسقاط النظام ورحيل بشار حتى لو كلف ذالك رحيل وتهجير وتشريد وقتل ما تبقى من الشعب السوري وتدمير ما تبقى من الدولة السورية !!! بالمقابل اهل الحكم متمسكون بشعارهم" إما بشار أو الخراب والدمار " !!! يبدو أن لا أحد يحترق قلبه على الشعب السوري ولا من منقذ له !!! حتى الآلهة أدارت ظهرها اليه !!!
سليمان يوسف

هل سينجح العثمانيون الجدد بجعل سوريا قبرص ثانية

العثماني الجديد  اردوغان
هل سينجح العثمانيون الجدد بجعل سوريا "قبرص ثانية" ؟؟؟ العثماني الجديد ( اردوغان) كشر عن "أنيابه الإسلامية" بإسقاطه الطائرة الروسية فوق الأراضي السورية !!! مهما بلغت سيئات المسلم الإرهابي لا يجب أن يكفر(مبدأ إسلامي)... مهما بلغت مخاطر تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي – داعش وبقية التنظيمات الإسلامية الإرهابية ،التي تقاتل في سوريا ، يجب تفضيلها على التواجد الروسي وغير الروسي المسيحي في المنطقة (مبدأ تركي عثماني إسلامي)، هذه هي القاعدة والمنطلق الذي منهما قررت القيادة العثمانية الإسلامية الاردوغانية إسقاط الطائرة الروسية ومحاولة قتل الطيارين من قبل ميليشياتها التركمانية .. أن مشروع "المنطقة الآمنة" التي تريد تركيا إقامتها على الجانب السوري من حدوها في منطقة يكثر فيها التركمان، يخفي نية تركيا بتحويل سوريا الى "قبرص ثانية" بحجة الدفاع عن الأقلية التركمانية وضمان حقوق التركمان المسلمين السنة!!! نعم تركيا تريد من إسقاط الطائرة الروسية خلط الأوراق وإشعال حرب إقليمية وفوضى عسكرية وسياسية في سوريا لتتسلل من خلالها الى العمق السوري وتحقق أطماعها القديمة !!

سليمان يوسف

الأحزاب السورية ومسألة الأقليات


الأقليات في سوريا
الأحزاب السورية ومسألة الأقليات (1/ 8)
مقدمة البحث:
 الأقليات: جماعات تتميز، عرقياً أو قومياً أو دينياً أو مذهبياً أو لغوياً أو ثقافياً ، عن بقية السكان في مجتمع ما. لديها شعور مشترك بالانتماء، وهي ترغب وتسعى للمحافظة على هذا الانتماء وعلى هويتها الخاصة. بسبب خصوصيتها، غالباً ما تضطهد الأقليات وتستبعد عن الحياة السياسية وعن المشاركة الفعلية في ادارة البلاد من قبل الأغلبية العددية  المهيمنة على الحكم وعلى مقدرات البلاد . أحياناً، ولظروف محلية وعوامل تاريخية وسياسية واجتماعية معينة واستثنائية ، تتمكن الأقلية في بلد ما من الوصول الى السلطة واحتكارها لها وتهميش الأغلبية. طبعاً، هكذا حالات وأوضاع لا تبدو صحية أو طبيعية في الحياة السياسية للدول والشعوب. فقد أثبتت تجارب التاريخ بأن الدول والمجتمعات البشرية لن تتقدم ولن تستقر سياسياً إلا في ظل حكم الأغلبية ( سياسية كانت أم عرقية، دينية كانت أم مذهبية) والتداول السلمي للسلطة.
بفعل التطورات والتحولات السياسية والفكرية الكبيرة التي حصلت في العالم والمنطقة في العقدين الأخيرين، أبرزها سقوط (جدار برلين) و تفكك الاتحاد السوفيتي وتحرر شعوبه من الاستعمار الروسي، برزت" مسألة الأقليات" على السطح السياسي والاجتماعي لتشكل بمفاعيلها إحدى أخطر التحديات الداخلية لكثير من الدول. وتبدو معضلة الأقليات أكثر خطورة وحدية في دول منطقة الشرق الأوسط، ،حيث يترعرع فيها كل أنواع الأقليات(القومية، الدينية ،الاثنية ،اللغوية ،المذهبية،..)،وحيث الرغبة القوية  لدى العديد من هذه الأقوام والشعوب في الانفصال  أو الحكم الذاتي، انطلاقا من مبدأ (حق تقرير حق المصير)،كخيار مناسب للتحرر والخلاص من هيمنة واستبداد الأغلبية.
الدولة السورية الحديثة، التي تأسست في عشرينات القرن الماضي وسط (سوريا الكبرى ،أو التاريخية)، ليست استثناءً عن هذا العالم الذي هي جزءاً منه ومن هذا "الشرق الفسيفسائي" بتركيبته السكانية والاجتماعية والثقافية .فنظراً لموقعها الحيوي والهام في قلب الشرق القديم، شكلت (سوريا) عبر تاريخها الطويل ومازالت، موطناً لكثير من الشعوب والأقوام والثقافات والديانات واللغات ،هي بحق "مهد الحضارات"،  تحتضن اليوم:
-   عرب مسلمون ، يتوزعون على العديد من المذاهب الاسلامية( سنة، وهم الغالبية، علويون ،إسماعيليون، دروز).
-   عرب مسيحيون، يتوزعون على العديد من المذاهب والطوائف (كاثوليك، أرثوذكس، بروتستانت).
-   مسيحيون غير عرب، معظمهم من الآشوريين(سريان/كلدان)، وأقلية أرمنية .
-   أقليات عرقية اسلامية غير عربية (أكراد، شركس ، تركمان.. شيشان).
-   أقلية صغيرة من أتباع الديانة اليزيدية، وأخرى من الطائفة الموسوية(اليهودية) السورية.
من المهم جداُ التأكيد في سياق هذه القضية، على أن جميع هذه الأقوام والشعوب تنتمي الى المجتمع السوري وهي جزء من نسيجه الوطني. هي ليست بشعوب أو أقليات دخيلة أو وافدة على الدولة السورية، كما يروج بعض القوميين العرب والاسلاميين. فأصغر وأحدث هذه الأقليات تعيش منذ عدة قرون على الأرض السورية. وبعض الشعوب السورية، مثل الآشوريون(السريان)،الذين يشكلون العمق الحضاري والتاريخي لسوريا الكبرى ولبلاد ما بين النهرين وعنهم أخذت سوريا اسمها، سبق وجودهم بعشرات القرون وجود العرب المسلمين، الذين استوطنوا في الأراضي السورية بعد الغزو الاسلامي. تجدر الاشارة هنا الى أن قادة "الانقلابات العسكرية" الثلاث، التي شهدتها سوريا في بداية استقلالها، كانوا من ابناء الاقليات ومن أصول غير عربية.(حسني الزعيم- كردي)،(سامي الحناوي- درزي)، (اديب الشيشكلي- من أصول تركمانية). رغم انتماءهم الأقلوي، لم يتصرف هؤلاء القادة في تعزيز سلطتهم على اساس طائفي او اثني. وانما  تطلعوا وسعوا، فترة حكمهم القصيرة( 1949- 1954)،الى تعزيز الروابط الوطنية بين ابناء المجتمع السوري ودمج الاقليات والطوائف فيه. وذلك إدراكا منهم لأهمية (الروابط الوطنية) في تجاوز حالة الانغلاق الطائفي والتكسر المجتمعي. وهم وجودوا في (الدولة المدنية) المخرج المناسب لوضع الأقليات وحماية حقوقها والحفاظ عليها من الذوبان والضياع في مشاريع وكيانات سياسية كبيرة، قومية (عربية) أو دينية (اسلامية). لكن مشروع "الدولة المدنية"، الذي تحمست له وسعت اليه النخب الليبرالية من الأقليات السورية وبشكل خاص النخب المسيحية الأكثر انفتاحاً على الثقافات والمجتمعات الأوربية، سقط بين مطرقة "الشريعة الاسلامية"، التي مازالت تشكل خطاً أحمراً في طريق الانتقال الى الدولة المدنية ، وبين سندان "الايديولوجيات الشمولية" للقوميين العرب .الأمر الذي تسبب، بعد نحو قرن كامل على نشأة الدولة السورية الحديثة وأكثر من ستة عقود على استقلالها، في صعود "مسألة الأقليات" لتلقي بظلالها على الحياة السياسية والاجتماعية في سوريا. ولتشكل اليوم اختباراً حقيقياً للقوى الوطنية والديمقراطية واليسارية في البلاد ولمصداقيتها في طرحها لمشروع (الدولة المدنية) ومطالبتها بالديمقراطية.
صحيح أن مشكلة الأقليات (الاثنية والدينية) في سوريا ليست بدرجة من الخطورة بحيث تهدد أمن واستقرار البلاد، كما هو حاصل في عديد من دول المنطقة والعالم. لكن هذا لا يعني أنها غير مرشحة للتصعيد والتفاقم والانفجار، اذا ما اجتمعت وتضافرت ظروف وعوامل داخلية وخارجية، في ظل الانقسامات العمودية الحاصلة وتنامي العصبيات الاثنية والعرقية والانتماءات المذهبية وتراجع المفاهيم والقيم الوطنية في المجتمع السوري. اذا كان نهج الاستبداد (السياسي / القومي) الذي انتهجه حزب (البعث العربي الاشتراكي) منذ انقلابه على السلطة عام 1963، أنتج أو أفرز مشكلة (الأقليات القومية) في البلاد، فان الاستبداد الديني، الذي يخشى منه اذا ما حكمت سوريا يوماً من قبل (قوى اسلامية)،أياً تكن طبيعة هذه القوى الاسلامية وشعاراتها- وهو أمر غير مستبعد في ضوء الصحوة الاسلامية التي تعم المنطقة- سيفجر (الاستبداد الديني)،الى جانب مسألة الأقليات القومية، مشكلة(الأقليات الدينية) أو بالأحرى(مشكلة مسيحية). حيث يعيش اليوم أكثر من 2 مليون مسيحي في سوريا، لن يتخلوا عن حقوقهم الدينية ولن يتنازلوا عن هامش الحريات الاجتماعية المقبول الذي يتمتعون به منذ نشأة الدولة السورية الحديثة. فكما هو معلوم في شرقنا المتدين لا بل المتعصب للدين، تعد(القضايا الدينية)،من المسائل الأكثر قدسية وحساسية وأهمية من القضايا القومية والسياسية .إزاء هذه الأوضاع والتحديات التي تواجه سوريا، تزداد الحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى لتضافر جهود جميع الأحزاب والقوى الوطنية، سلطة ومعارضة ومنظمات المجتمع المدني، للإسراع في الانتقال بسوريا الى الدولة المدنية الحديثة (دولة المواطنة الكاملة) القائمة على تحييد (الدولة) وهويتها الوطنية السورية عن كل دين وعقيدة وعن كل قومية، عربية وغير عربية. اذ ليس من المبالغة القول: أن وحدتنا الوطنية اليوم باتت مرهونة ومتوقفة على الاحتواء الايجابي لقضية حقوق الأقليات وعلى المعالجات السياسية والديمقراطية العادلة لها ولغيرها من القضايا الوطنية العالقة.
في هذا البحث المتواضع، سنتناول بشيء من النقد والتحليل رؤية وموقف الأحزاب والحركات والتيارات السياسية الأساسية المتواجدة على الساحة السورية، بمختلف اتجاهاتها وانتماءاتها(القومية والإسلامية واليسارية)، من مسالة الأقليات(الاثنية والدينية) في سوريا. وذلك في ضوء ما هو متوفر لدينا من وثائق حزبية وبرامج سياسية ومواقف وتصريحات معلنة لمسئولي وقيادات هذه الأحزاب والمنظمات والحركات السياسية .على أمل أن تفيد وتخدم هذه الدراسة في إلقاء الضوء على (معضلة الأقليات) وأن تحث مختلف القوى الوطنية على البحث عن مخارج وطنية مناسبة لها.
طبعاً، ليس من السهل أن يتناول المرء موضوعاً شائكاً  كـ"معضلة الأقليات" في بلد شائك مثل سوريا. يحكمه نظام قومي عربي شمولي، شديد الخصوصية والحساسية من تناول أو طرح (ملف الأقليات).تديره وتتحكم به سلطة قمعية لا تحترم حقوق الانسان ولا تعير أي اهتمام أو اعتبار لمصالح وحقوق القوميات الغير عربية .أنه (ملف الأقليات) هو شائك اجتماعياً: حيث لدى الأكثريات كما لدى الأقليات على حد سواء، موروث ثقافي تاريخي عميق يشكل، بثقله الاجتماعي والفكري، إحدى العقبات الأساسية أمام انجاز وتحقيق الاندماج الوطني المنشود. شائك سياسياً: حيث  تخضع مسالة حقوق الاقليات، كغيرها من القضايا الوطنية الهامة والمصيرية، لمحاذير، سياسية وايديولوجية وعقائدية وأمنية، من قبل النظام. هذه المحاذير سببت فقراً ثقافياً وفكرياً حول كل ما يتعلق بماضي وحاضر (ظاهرة التنوع والتعددية )التي يتصف بها المجتمع السوري، من جهة أولى .كما أن نهج الاستبداد والمحاذير التي فرضها النظام على ملف الأقليات، أخرجت هذه الظاهرة الحضارية عن سياقها التاريخ الطبيعي وتحولت من عامل قوة وغنى وطني وحضاري لسوريا الى عامل ضعف لا بل الى نقمة على سوريا وشعبها، من جهة ثانية. حتى بات يخشى الكثيرون من أن تفرق السياسية، القائمة على التمايزات بين ابناء الوطن الواحد، ما جمعه التاريخ ووحدته الجغرافية، من شعوب وأقوام وملل سورية عريقة. 

سليمان يوسف