‏إظهار الرسائل ذات التسميات الشأن السوري. إظهار كافة الرسائل

كيف لك أن تعيش في سوريا وتعارض نظامها؟



الكاتب سليمان يوسف يوسف

كثيراً ما أًسئل: كيف لك أن تعيش في سوريا، وأنت تنتقد نقداً لاذعاً نظامه االسياسي القائم، من غير أن تتعرض للملاحقات والمضايقات الأمنية والاعتقال، والنظام السوري معروف باستبداده وبكمه لأفواه معارضيه ؟ . لا جواب على أسئلة يفترض أن توجه للدوائر والأجهزة الأمنية والمخابراتية لدى هذا النظام، صاحبة القرار في توقيف واعتقال من تشاء من السوريين. كمعارض مستقل ، ومن منطلق وطني، بقدر ما انتقد النظام، كذلك انتقد المعارضات (المتحزبة) ، خاصة (معارضات الخارج) ، التي راهنت على الخارج في إسقاط النظام ودعت الى عسكرة (الحراك الشعبي المدني)، كما انتقدتُ (المعارضات المسلحة) على احتمائها بالمدن والبلدات والمناطق المأهولة، الأمر الذي جعل المدنيين ابرز ضحايا النزاع المسلح على السلطة .
لا أدري إذا ( قلمي )، سلاحي الوحيد، يشكل خطراً على أمن ومستقبل النظام. لكن مؤكد أنه ليس خطراً على أمن الوطن، ولا يمكن أن أكون خطراً على وطن، نشأت فيه ، تعلمت في مدارسه ، يحمل هوية شعبي. فسوريا بالنسبة لنا السريان (الآشوريين) هي أكثر من وطن نعيش فيه وأكبر من دولة نحمل جنسيتها. لم ولن ارتكب جرماً ضد الدولة السورية . كل ما اصرح به وما أنشره واكتبه، حق يكفله دستور البلاد " لكل مواطن الحق في أن يُعرب عن رأيه بحرية وعلانية بالقول أو الكتابة أو بوسائل التعبير كافة". أعلم جيداً، في ظل الانظمة الدكتاتورية واللاديمقراطية، الدساتير معطلة. لا حصانة للمعارضين. وطنية المعارض، لن تحميه من الملاحقات والمضايقات الامنية ومن المحاكمات الصورية والحبس بتهم جاهزة (وهن نفسية الأمة، مناهضة أهداف الثورة، إثارة النعرات الطائفية، التحريض على الارهاب، وغيرها). خلال مسيرتي السياسية، تعرضت للكثير من المضايقات والضغوطات الأمنية. اُستدعيت لجميع الأفرع والدوائر الأمنية في القامشلي ودمشق. الاستدعاء إحدى وسائل الضغط والترهيب والتهديد بالاعتقال، لإرغام المعارض على التراجع عن مواقفه. بعد عودتي من (مهمة سياسية) الى دول اوربية 2004، السلطات الأمنية سحبتمني (جواز السفر) ، مع الحرمان من الحصول على جواز سفر جديد والمنع من مغادرة سوريا. بإيعاز من احد (الأفرع الأمنية) المطلوب مني مراجعته، تم حجز (راتبي التقاعدي) منذ بداية هذا العام 2018 . أجراء تعسفي، غير قانوني وغير دستوري، يتعارض مع ابسط حقوق الانسان والمواطن. أنه تعدي صارخ على حقوقي وحقوق اسرتي، بحرمانها من مصدر رزقها. بعد الحجز على الراتب، السؤال الذي يجب أن يسأله هؤلاء السائلون: كيف لك أن تعيش في سوريا بلا راتب ومن غير دخل ؟؟. ما يمكن قوله في مسالة "الاعتقال السياسي"، ثمة اعتقاد سائد في مختلف الأوساط السورية، أن (السلطات الأمنية) تترك بعض المعارضين، يكتبون ويصرحون، ينتقدون سياسات النظام من غير أن تتعرض لهم، بهدف تجميل صورة (النظام) أمام الراي العام المحلي والخارجي. ولتأخذ منهم، شهادة "حسن سلوك" باحترام حقوق الانسان وبالديمقراطية والحريات السياسية والاعلامية. طبعاً، هذه ليست قاعدة ثابتة يعتمدها (نظام أمني) شديد الخصوصية والمركزية، وإنما مجرد "تكتيك " يتبعه النظام عندما يكون مستقراً، مطمئناً لوضعه ، مرتاحاً بعلاقاته الداخلية والخارجية. أما في الظروف الصعبة والاستثنائية، كالحرب الراهنة التي مزقت الوطن وحيث النظام يخوض "معركة البقاء"، لا تساهل مع المعارضين، ولن يكترث النظام بما يقوله الآخرون عنه .
(بشار الأسد) ، خلف والده في الحكم عام 2000. في خطابه الأول (خطاب القسم) ارسل (إشارات إصلاحية) ، أوحت بعزمه على إرخاء "القبضة الحديدية" التيفرضها والده (حافظ الأسد) على المجتمع السياسي. بالفعل، طرأ تحسناً ملحوظاً على مسار محاكمات الموقوفين السياسيين، وإن بقيت الشفافية والعدالة غائبتان عن محاكمات المعارضين. فلم يعد يُلقى بالمعارض سنوات وسنوات في السجون من غير أن يحاكم، كما كان يحصل في عهد الأسد الأب. الرئيس الشاب (بشار) شجع المعارضة على التحرك واطلاق نشاط (سياسي وحقوقي) معارض وتأسيس (منتديات سياسية ،جمعيات ولجان حقوقية)، طالبت النظام بإصلاحات سياسية وقضائية. تلك المناخات الايجابية، عرفت بـ"ربيع دمشق"، شجعت المعارضين (وأنا منهم)- رغم الخوف من الاعتقال- على مراجعة (الأفرع الأمنية) حين تستدعيهم للتحقيق. عندما استشعر النظام خطر استمرار "ربيع دمشق " على وجوده، سارع الى وأده، باعتقال ابرز ناشطيه. اليوم، البلاد غارقة في حرب داخلية، وقد اكتظت السجون وأقبية الأفرع الأمنية بالموقوفين والمعتقلين السياسيين والارهابيين والقتلة المجرمين. وضع (أمني ، سياسي ، قضائي) استثنائي، لا يشجع المعارض على مراجعة الأفرع الأمنية . الكثير من المعارضين ممن تم استدعائهم فضلوا الهجرة وترك البلد. بالنسبة لي، خيار (الهجرة) غير وارد، تحت أي ظرف .
المصدر: إيلاف
2018/05/12

سليمان يوسف يوسف - كاتب سوري

المعارضة السورية و خيبات الأمل من صواريخ ترمب الذكية


الضربة الامريكية


فجر السبت 14 نيسان الجاري، ردا على هجوم كيميائي مفترض اتهم النظام السوري بشنه في معركة دوما مع الفصائل الاسلامية المعارضة في الغوطة الشرقية، شنت الولايات المتحدة الامريكية ، بمشاركة كل من فرنسا وبريطانيا، ضربات صاروخية على مواقع عسكرية للجيش السوري، بينها منشآت كيميائية. ملايين السوريين، بين قتيل وجريح ومهجر ونازح ومفقود ، مأساتهم ومحنتهم لم تحرك "الضمير الامريكي". فقط لأجل عشرات القتلى والمصابين بالكيماوي المفترض، حرك ترامب أساطيله وأطلق على قوات النظام صواريخه " الجديدة الجميلة الذكية"، كما وصفها في تغريده له على حسابه الشخصي. حتى وإن أثبتت التحقيقات، التي يقوم بها فريق المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيماوية، بأن النظام السوري فعلاً استخدم "سلاح كيماوي" في معركة دوما، يبقى الكيماوي مجرد "ذريعة" للضربات العسكرية الغربيةالتي قادتها امريكا على سوريا. إذ ، ثمة أسباب امريكية داخلية، سياسية وغير سياسية، تتعلق بملفات ترامب (التحقيقات حول احتمالات التدخل الروسي بحملته الانتخابية – و قضايا أخلاقية) ، دفعت الرئيس الامريكي (دونالد ترمب) للتحرك العسكري وقصف قوات النظام ، بعد اسبوعين فقط من كلام ترمب عن "انسحاب امريكي قريب جداً من سوريا".
السوريون،(نظاماً وشعباً)، في معظم محطات ومراحل حربهم الداخلية العبثية الكارثية، المستمرة منذ سبع سنوات، أثبتوا على أنهم خارج التاريخ والعصر . سوريون، موالاة ومعارضة، هللوا لضربات العدوان الثلاثي على بلادهم. المعارضون هللوا ابتهاجاً وطلباً للمزيد منها. الموالون هللوا واقامواالدبكات تحدياً واستنكاراً ، متناغمين ملتصقين بذلك مع نظام "دكتاتوري مستبد" ، برع في تضليل الشعب ، امتهن تحويل الهزائم العسكرية الى انتصارات ظافرة والاخفاقات الاقتصادية و السياسية الى منجزات عظيمة .وفق تقديرات متابعين للشأن السوري، الضربات (الامريكية الفرنسية البريطانية) رفعت من شعبية ورصيد الرئيس ( بشار الأسد) بين السوريين، رغم "الجحيم القاتل"، الذي انزلقت اليه البلاد في عهده. أما في الدول الثلاث المنفذة للضربات على سوريا، شكلت الضربات مناسبة وفرصة للمعارضات لتوجيه انتقادات حادة لحكومات بلدانها . غارات صاروخية ، كان لها وقع الـ ''هزيمة'' بطعم "النصر" على السوريين وحلفائهم الروس والفرس. ووقع "النصر" بطعمة "الهزيمة" على الامريكيين وحلفائهم من الاوربيين والعرب والمسلمين. لأنها كانت ضربات " ناعمة" ، غير مؤذية للنظام السوري، شكلت خيبة أمل كبيرة وجديدة للمعارضات السورية، بجناحيها (العسكري والسياسي)، من حلفائها وداعميها الامريكيين والأوربيين. المعارضات، كانت تتأمل وتنتظر من الضربات الصاروخية أن تقوض القدرات العسكرية والقتالية للنظام، تمهيداً لإسقاطه. مثلما اسقطت امريكا وحلفائها ( نظام صدام حسين- 2003 ) في العراق و (نظام معمر القذافي- 2011) في ليبيا. صحيح، أن الغارات الأمريكية الأوربية لم تكن بالقوة والشمولية التي توقعها الكثيرون ولا بمستوى التأهب العسكري (جواً وبحراً) للدولة الثلاث و لا بزخم (الحملة الإعلامية) على النظام عشية الضربة، لكن الصحيح ايضاً أنها اربكت المشهد السوري، المضطرب اصلاً ، وخلطت اوراق اللاعبين في الساحة السورية، ومازالت بتداعياتها العسكرية والسياسية تتفاعل في مختلف الأوساط (السورية والاقليمية والدولية). الغارات أثارت سجالات وجدالات حامية حول أهدافها الحقيقية وحول الأسباب التي حالت دون توسيعها لتكون "حملة عسكرية" شاملة على مواقع ومراكز الجيش السوري، تمهيداً لأسقاط حكم بشار الأسد، على غرار ما فعلت امريكا وحلفائها في الناتو ، لنظام ( سلوبودان ميلوفيتش) في صربيا اليوغسلافية 1999 على خلفية مذبحة "سربرنيتشا".
الاسباب والدوافع الداخلية الخاصة للصواريخ الامريكية على سوريا ، لا تنفي وجود أهداف خارجية لها (سياسية وعسكرية). صواريخ ترامب حملت رسائل سياسية عديدة وبأكثر من اتجاه، الى جميع اللاعبين في الساحة السورية. اقوى الرسائل هي للاعب الأساسي (بوتين ). الإدارة الامريكية، ومن خلال ضرباتها، أكدت على أنها لن تسمح لموسكو الانفراد بالملف السوري. في ذات الوقت، أكدت الادارة الامريكية للمعارضات السورية، التي راهنت منذ اليوم الأول لعسكرة "الثورة" على التدخل العسكري الخارجي في إسقاط حكم الأسد، "على أن إسقاط النظام السوري لم ولن يكون ضمن الاجندة وأولويات السياسية للإدارة ". الخارجية الامريكية كررت أكثر من مرة على لسان المتحدث باسمها على "الحل السياسي" للأزمة السورية، عبر مسار جنيف المعترف به دولياً . لهذا ، من المتوقع أن تحرك الضربات الغربية "العملية التفاوضية" المعطلة بين النظام والمعارضة . ومن المقرر أن تقدم الدول التي شاركت في الضربات ( فرنسا ،الولايات المتحدة ، بريطانيا) خلال الايام القادمة "مشروع قرار" الى مجلس الأمن، يجمع الجوانب (الكيميائية والإنسانية والسياسية) حول الحرب السورية. في المجال السياسي، يطالب مشروع القرار "السلطات السورية بالدخول في مفاوضات (سورية- سورية) جدية وبطريقة بنّاءة وبلا شروط مسبقة".
المصدر: إيلاف
21/04/2018

سليمان يوسف

أميركا وحلفاؤها الأعداء (أتراك- أكراد)


أميركا وحلفاؤها (أتراك- أكراد)


الفرات ودجلة نهران توأمان ينبعان من (الهضبة الارمنية) المحتلة من قبل الدولة التركية. معاً، يرسمان (بلاد مابين النهرين) موطن الأكاديين(الآشوريين- البابليين). الفرات/أفرت، كلمة سريانية تعني (الخصب والنمو). بابل كانت أعظم مدينة على شواطئ نهر الفرات. ضفاف هذا النهر شهدت الكثير من المعارك بين الجيش الآشوري وجيوش الغزاة القادمين من الغرب والشرق. ابرز تلك المعارك،المعركة التي انتصر فيها القائد الآشوري/البابلي (نبوخذ نصر) على (فرعون نخو) المصري 605 ق.م . لأهميته الحيوية في حياة سكان بلاد ما بين النهرين، ذُكر نهر الفرات في الكتب المقدسة.
بدأ التاريخ يعيد نفسه على هذا النهر الطويل العابر لحدود العديد من الدول.الحرب السورية الراهنة، بمفاعيلها المختلفة والتدخلات الخارجية فيها ،اعادت للنهر أهميته السياسية والعسكرية الى جانب أهميته الاقتصادية، وقد تجعل منه حدوداً وخرائط لكيانات سياسية جديدة تقوم على أنقاض الدولة السورية، الممزقة اليوم بين القوى (الاقليمية والدولية) المتصارعة على ارضها. منطقة شرقي الفرات، المعروفة بـ(الجزيرة السورية)، تشكل ثلث مساحة اراضي الدولة السورية وتحوي نحو 80% من مخزون النفط والغاز السوري، باتت منطقة نفوذ لأمريكا، حيث اقامت فيها الكثير من القواعد العسكرية وحددت نهر الفرات "خطاً أحمر" يفصل شرق الفرات، كمنطقة نفوذ لها، عن مناطق نفوذ النظام وحلفاءه الروس والايرانيين. وسط هذا التجاذب الاقليمي والدولي وتعارض الارادات السياسية حول الازمة السورية، برز (حزب الاتحاد الديمقراطي- pyd)الكردي، متصدراً المشهد السياسي والعسكري في منطقة شرق الفرات، مستفيداً من تجربة الحزب الأم (حزب العمال الكردستاني pkk- تركيا)، ومن التناقضات بين أطراف الصراع في سوريا. كما هو معلوم، لتحييد (الشارع الكردي) عن معركة الصراع على السلطة، سلم النظام السوري للبيدا ومن دون قتال معظم مدن وبلدات محافظة الحسكة. نجاح حزب الاتحاد الديمقراطي في إخراج (المرأة الكردية) من تحت "العباءة الاسلامية" الى ساحات المعارك وجبهات الحرب للقتال الى جانب الرجل، التنظيمات الاسلامية المتشددة والارهابية مثل (داعش والقاعدة والنصرة)، جعله يحظى بتعاطف غربي و نيل ثقة الامريكان، كشريك لهم في الحرب على الارهاب. وقد تكفلت الادارة الامريكية بمد الجناح العسكري للحزب (قوات حماية الشعب YPG)، عماد ما يعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية"، بالمال والسلاح وحمايته من هجمات النظام وحلفاءه. بالفعل، خلال الاسابيع الماضية، قام الطيران الامريكي أكثر من مرة باستهداف قوات روسية وايرانية وقوات النظام وميلشيات مواليه له، حاولت التقدم شرقاً نحو قوات سوريا الديمقراطية. ادارة ترامب لن تترك موسكو تنفرد بملف الأزمة السورية. هي تربط تفكيك قواعدها وسحب قواتها بـ"حل سياسي" ينهي حكم الأسد ويكفل خروج القوات الايرانية وجميع الميليشيات المرتبطة بها من سوريا. هذه شروط تعجيزية ستأخذ امريكا منها ذريعة لإطالة أمد وجودها العسكري في شرقي الفرات، ربما لعقود، ولأهداف لم تكشف عنها بعد. تركيا، التي تضم أكبر تجمع كردي في المنطقة، ترى في تنامي قوة ونفوذ حزب الاتحاد الديمقراطي تهديداً لأمنها القومي. هي تخشى أن يذهب الامريكان بعيداً في دعمهم العسكري والسياسي لحزب، ترى فيه امتداداً لحركة كردية تركية انفصالية (حزب العمال الكردستاني- pkk) وهي تخشى من أن ينتقل السلاح الامريكي من أكراد pyd الى أكراد الـ pkk . الاحتضان الامريكي لحزب الاتحاد الديمقراطي لم يمنع تركيا من توجيه ضربات سياسية وعسكرية موجعة للحزب. قبل نحو عام قصفت طائرات تركية مواقع عسكرية تابعة لقيادة وحدات حماية الشعب YPG الجناح العسكري لـ PYD في جبل كرا تشوك القريب من القاعدة العسكرية الامريكية في رميلان . الضغوطات التركية المستمرة على الدبلوماسية الروسية وعلى المعارضات السورية، نجحت حتى الآن بحرمان البيدا من المشاركة في جلسات الحوار والمفاوضات بين النظام والمعارضات في (جنيف وسوتشي والآسيتانة). تحت ضغط شبح (الملف الكردي)، ولقطع الطريق أمام المشروع القومي لأكراد سوريا، دفعت تركيا بجيشها للتوغل في عمق الاراضي السورية في أكثر من منطقة حدودية ( (جرابلس ، الباب، عفرين) وهي تهدد بغزو (منبج) وملاحقة مسلحي YPG حتى نهر الدجلة على الحدود العراقية.
امتداد سيطرة "قوات حماية الشعب" الكردية، في الجغرافيا السورية في عمق التجمعات العربية، مثل منبج والرقة وشرق الفرات حتى الحدود (السورية – العراقية)، تصب في صالح حزب الاتحاد الديمقراطي، لجهة تأكيده على أن الأكراد السوريين هم جزء من الشعب السوري ولا نية لديهم بالانفصال وبأن مشروعهم الفدرالي هو مشروع ديمقراطي لكل السوريين وفي اطار الدولة السورية الواحدة. بيد أن السلوك (السياسي والدبلوماسي) للحزب يأتي خلافاً لما يعلنه. بدءاً من انفراد الحزب بإعلان "الادارة الذاتية" ومن ثم "الفدرالية" للمناطق الخاضعة لسيطرته، بتسميات دخيلة على التاريخ السوري "غرب كردستان - روج آفا "، ومن دون مراعاة مواقف ومصالح بقية مكونات المنطقة ، مثل الآشوريين والعرب والارمن. الغاء المنهاج الحكومي الرسمي وفرض المنهاج الكردي في المدارس التي استولى عليها. رفع صور زعيم حزب العمال الكردستاني "عبدالله أوج آلان " على مقراته ومراكزه الحزبية والعسكرية ودوائره المدنية. دبلوماسياً تتنشط ممثليات ومنظمات الحزب في الخارج وكأن المقاطعات السورية التي يديرها هي دويلات بذاتها. ما يعزز الشكوك والاعتقاد بوجود نوايا أو "نزعة انفصالية" لدى حزب الاتحاد الديمقراطي، تصريحات بعض قادته حول مشاريع الحزب. كتلك التي أدلت بها (هدية يوسف) في ايار 2017 لصحيفة "الأوبزرفر" البريطانية: "إنَّ الوصول إلى البحر المتوسط ضمن مشروعنا في شمالي سوريا، وهو حقٌّ مشروع لنا". وعند سؤال هدية عمَّا إذا كان ذلك يعني مطالبة الولايات المتحدة بتقديم دعمها السياسي لهم من أجل الحصول على طريقٍ تجاري يصل إلى البحر، بمجرد أن يساعدوها على استئصال داعش من شمالي سوريا، أجابت "بالطبع". مثل هذه التصريحات، غير المحسوبة النتائج ، تعزز مخاوف الاتراك وتزعزع ثقتهم بحليفهم الامريكي، وتجعل الدولة التركية غير مطمئنة للسياسات الامريكية في المنطقة. فرغم النفي المستمر للإدارات الامريكية لوجود نية أو خطط لديها لتقسيم دول المنطقة، الاتراك يخشون من استراتيجية جديدة لأمريكا بعد غزوها للعراق 2003، تقوم على تقسيم العراق وسوريا ومن ثم تركيا وايران لأجل إقامة ما يسمى بـ "كردستان الكبرى" ، في اطار هذه الاستراتيجية يضع الاتراك الدعم الامريكي لأكراد العراق و سوريا. المفارقة في المشهد، أن مخاوف الاتراك من حليفهم الامريكي لا يعني بأن أعدائهم من الاكراد مطمئنين كثيراً للسياسات الامريكية في سوريا . (اكراد الـ pyd)، الشريك الصغير لأمريكا في حربها على الارهاب، يخشون، بعد الانتهاء من الحرب على داعش، من أن تتخلى أمريكا عنهم في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، (منبج ومنطقة شرق الفرات)، كما خيبت آمالهم وتخلت عنهم في عفرين، حيث تركتهم مكشوفين يواجهون عدوان الغزو التركي ومرتزقته من ما يسمى بـ"فصائل الجيش السوري الحر".

03/03/2018

سليمان يوسف


المصدر : إيلاف