العلاقة (الآشورية - الكردية )




العلم الآشوري والكردي


بحكم التاريخ والجغرافيا، اختلط الآشوريون (المتحدرون من أصول سامية) مع الكرد (المتحدرون من أصول آرية)، وتأثر كل منهما بثقافة وعادات الآخر، الى درجة يصعب في بعض مناطق "بلاد آشور- بلاد ما بين النهرين" و"كردستان" تميز الانسان الآشوري عن الكردي. غدا "الانتماء الديني" وحده العلامة الفارقة، بعد استحالة التمييز والفصل بينهما على اساس العرق
. في اطار هذه العلاقة التاريخية، نشأت اسر وعشائر مشتركة من الشعبين، وانخرط العديد من الآشوريين في صفوف الحركة الكردية في العراق وتركيا. هذه العلاقة التاريخية، لم تمنع حصول حروب و نزاعات مسلحة بين الأكراد والآشوريين ،خاصة حقبة الاستعمار العثماني للمنطقة، الذي انتهج سياسية "فرق تسد" واستغل الدين في تأليب الأكراد المسلمين على المسيحيين، من أرمن وآشوريين(سريان/كلدان) للتخلص منهم. أشهرها (مذابح بدرخان في اربعينات القرن التاسع عشر و مذابح 1915). هذه المذابح وغيرها مازالت تلقي بظلالها الثقيلة وتأثيراتها السلبية على العلاقة الآشورية- الكردية . في سوريا: رغم مظاهر التقارب الكردي- الآشوري، على المستوى النخبوي والسياسي، لا تبدو العلاقة بين الآشوريين والكرد السوريين، كما يجب أن تكون على الصعيد المجتمعي والشعبي، وذلك لأسباب وعوامل عديدة متداخلة. بعضها يرتبط بالموروث الثقافي والاجتماعي والديني للشعبين و بالماضي وتراكماته السلبية، وبعضها الآخر يتعلق بتعقيدات الراهن السوري ومشكلاته وبطبيعة النظام اللاديمقراطي القائم والاستبداد الذي يمارسه على المجتمع. قد يرى البعض في "الاختلاف الديني" العقدة الأساسية التي تعيق تعزيز العلاقة الآشورية- الكردية. ربما، هذا صحيح على مستوى العامة، لكن الانكفاء على "الذات القومية" و " أدلجة الهوية" يشكلان أكبر التحديات التي تواجه العلاقة الآشورية الكردية. فـ"الهوية"، كما يرى ،أمين معلوف، تكون "قاتلة" حين تنكفئ على ذاتها وترفض التفاعل مع الآخر. نعم، في السنوات الأخيرة حصل بعض الانفتاح السياسي المحدود بين الحركة الكردية والحركة الآشورية. لكن هذا الانفتاح لم يكن ثمرة حوار أو تقارب كردي- آشوري خالص، وانما هو جاء في اطار أو على هامش مشاركة نشطاء من الجانبين في الحراك السياسي للمعارضة السورية. هذا النوع أو النمط من العلاقة لا يمكن له أن يفضي الى عمل سياسي أو ينتج حراك ديمقراطي ثقافي مشترك، كما لا يمكن له أن ينمي العلاقة (الكردية- الآشورية) وأن يقيم جسوراً للتواصل والحوار والتفاعل بين الأكراد والآشوريين. كان المنتظر من (الحركة الكردية) باعتبارها تتمتع بوضع ذاتي أفضل بكثير من (الحركة الآشورية) ،أن تتعاطى بإيجابية أكثر مع الموضوع الآشوري وأن تعمل على تنقية الأجواء من تراكمات الماضي السلبي، الذي مازال يرخي بظلاله الثقيلة على العلاقة (الآشورية- الكردية). لكن للأسف الحركة الكردية سعت الى التعتيم على الوجود الآشوري والتقليل من شأنه وأهميته واختزال مسألة الأقليات القومية في سوريا بالقضية الكردية وحدها، فضلاً عن أنها مارست ومازالت تمارس، بطرق وأشكال مختلفة، التضليل والتشويش على التاريخ الآشوري. الحركة الكردية ، بشقيها (السياسي والثقافي)، تمجد سفاحاً وتعتبره زعيماً كردياً، مثل المجرم (سمكو الشكاك)، الذي غدر بالبطريرك الآشوري (مار شمعون بنيامين) . سمكو دعا البطريرك لزيارته في منزله(منزل سمكو) لأجل التفاوض وعقد صلح بين عشائر سمكو والآشوريين. لكن سمكو أقدم على قتل البطريرك مع العشرات من مرافقيه ، وهم بضيافته ( آذار 1918). الخطاب الكردي الغير متوازن، الذي تغلب عليه نزعة التطرف والغلو في التعصب القومي، لا يمكن له أن يؤسس لعلاقة ( آشورية- كردية) مستقبلية، صحيحة وسليمة، تخدم قضية الشعبين. في ضوء ما تقدم، أرى أن ثمة عقبات وتحديات(مجتمعية، سياسية، ثقافية)، تعترض تطوير وتعزيز العلاقة(الآشورية- الكردية) .تذليل هذه العقبات وتخطيها، يتطلب حوار (كردي- آشوري) صريح وشفاف، ينطلق من المشتركات الوطنية السورية الواحدة. حواراً يعزز مفاهيم وأسس "العيش المشترك" بين مختلف القوميات والمكونات السورية.

17/01/2018 سليمان يوسف ... سوريا

0 comments: